الحب: حقيقة أم مجرد أسطورة ؟
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين
أصبح الحب من المظاهر المرتبطة بالحياة المدنية الحديثة لا بل بلغ من ارتباطه إن العديد من المجتمعات الحديثة لا تؤمن سوى بقوة الحب الذي يصنع المعجزات ولا تعترف بأي
قوة أخرى فكما يقولون بان الحب يفعل العجائب ويذلل الصعاب ويتجاوز المستحيل ويعطي القدرة والأمل على مواصلة الحياة؟
لذلك ومن باب التصدي لكل مشكلة تظهر في العصور الحديثة لأنه واجب عين على كل مسلم ومسلمة ألا يتهرب ويحاول أن يتسامى فوق هذه المشاكل التي تعترض حياتنا ومجتمعاتنا
فالواجب يحتم علينا كمسلمين أن نبحث في إفرازات هذه الظواهر التي تعترض حياتنا وان نحاول تفسيرها بما أعطانا الله من فهم وعلم وأوجب علينا تبيان الحقيقة للناس بما نملكه من عقل
ووعي لذلك بدأت في دراسة هذه المشكلة وأسباب تكونها وما هي إفرازاتها وتأثيراتها على حياتنا اليومية واستخلصت إلى دراسة مبسطة لهذه المشكلة وأسباب نشوئها ونتائجها؟؟؟
الحب حقيقة أم خيال؟؟؟؟؟
تتوزع الناس مشاعر متعددة ومتناقضة في هذا الزمن الذي تسوده وتتحكم به الظواهر المادية والتي طفت إلى السطح خلال الحركة السريعة للاقتصاد و
محاولة الإنسان مواكبة التطور والحضارة والتكيف مع الإفرازات والمتغيرات التي أحدثتها عجلة الاقتصاد
في نهاية القرن العشرين ووجودنا على أعتاب القرن الواحد والعشرين ما رأيكم بمواجهة قصيرة لا تتجاوز الدقائق مع النفس في زمن أصبح فيه الإنسان
يلهث ليل نهار دون أن يسمح لنفسه بلحظة توقف يلتقط فيها أنفاسه أو حتى لحظة قصيرة يراجع فيها حياته بعد أن طغت المادة على كل شيء وأصبح لها
أولوية الفضل حتى على مشاعره وأحاسيسه وأصبح همه تامين لقمة العيش ؟؟؟
اعتقد أن كل واحد منا بحاجة إلى قليل من الراحة بحاجة إلى استراحة قصيرة يتوقف فيها ويتأمل حياته ويتدارس ويتأمل في تجارب الآخرين من حوله؟
الحب هاجس الإنسان منذ القديم ولكن أين يقف الحب في زحمة الحياة هذه التي نعيشها في هذه الأيام؟؟؟ونحن لا نقصد بالحب الأنواع الكثيرة منه كحب
الأب لا بناءه أو الصديق لصديقه وغيرها من أنواع الحب ؟ وإنما نقصد نوعا محددا منه؟؟؟؟؟!!!!!
نحن نقصد بالحب تلك المشاعر التي تتولد بين رجل وامرأة؟؟؟؟؟ بين ذكر وأنثى؟؟؟أين أصبح؟؟؟ وكيف أصبحت نظرتنا إليه؟؟؟ وما مصيره في خضم هذه
التيارات والانقلابات السريعة التي عصفت بحياتنا ومفاهيمنا؟؟؟؟
الم يسال أحدكم نفسه : لماذا يذهب الحب وينتهي في هذا الزمن بمثل السرعة التي يقتحم بها قلوبنا ومشاعرنا؟؟؟؟أين ذلك الحب الذي كنا نسمع به ونذرف
الدموع الغزيرة على أبطاله؟؟؟ أين مجنون ليلى؟؟؟ أين عنترة وعبلة؟؟؟ أين فرهاد وشيرين؟؟أين ممو وزين؟؟؟ أين كثير عزة؟؟؟ أين جميل بثينة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
هل تغيرت طبيعة الحب....؟ أم هل تغير مفهومنا لعلاقة الحب....؟ أم هل أصاب الصدأ مشاعرنا وقلوبنا وعقولنا....؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
بداية يجب أن نعترف بان طبيعة علاقة الحب قد تأثرت بمجمل التغيرات التي عصفت بمفاهيمنا ومجتمعاتنا .. ويجب أن نعترف بان العامل الاقتصادي وتغير
علاقات الإنتاج في المجتمعات الحديثة كان له ابلغ الأثر في حياة إنسان العصر الحديث؟؟؟؟
إن بروز أنماط الإنتاج المختلفة وتوسع علاقاتها وتنوعها أدى إلى إفراز أنماط جديدة من التفكير والعلاقات الإنسانية والاجتماعية والعادات والتقاليد..
حيث تغيرت نظرة الإنسان الحديث لحياته ومفاهيمه السابقة بالإضافة إلى أن سرعة التحول المذهلة لأساليب وأدوات الإنتاج وانقسام العالم والمجتمعات
وظهور الطبقات الاجتماعية أدى إلى إحساس الفرد بالغربة والتشيؤ...؟ أي أن الإنسان يعامل كشئ ويتحول إلى شئ وتنزع عنه شخصيته ومفاهيمه و
أحاسيسه....
وكان رد الفعل الطبيعي لهذا الإنسان هو التقوقع داخل نفسه وابتلاع ألمه وعذاباته والقمع الذي يمارس عليه في العمل وفي الشارع وفي كل مكان ومحاولة
محاربة ظروف حياته وواقعه التي تسير به نحو الهاوية وتقطع أي خيط يربطه بإنسانيته من خلال التمرد على هذا الواقع بكل الطرق الممكنة وكان رده
طوباويا ورده دونكيشوتيا فكان ملاذه الوحيد من هذا الواقع هو الرجوع إلى الماضي ياي شكل من الإشكال وتجسد هذا التمرد بأقوى أشكاله في مشاعر الحب
لأنه لا يملك شيئا غير أحاسيسه وقلبه لأنه قد سلب كل شيء...؟
ولما كانت الحياة تسير قدما إلى الإمام أصبح الإنسان يعيش عالما مغلقا في داخله كاحتجاج لا واع على هذه الظروف التي تحيط به؟؟؟؟ لقد حاول أن يعيش ذلك
الجانب المفقود في مدنيته الحديثة التي أدت إلى ازدياد الضغوط النفسية عليه بإفراغ الشحنة العاطفية المختزنة داخله ومشاعر السخط والغضب والتمرد بعلاقة
عاطفية مع شخص ما أو شئ ما..... أي شئ أو شخص؟؟؟؟؟؟؟؟
ربما مع نفسه ..... المهم أن يعيش هذا العالم وهذه العلاقة...؟
لا بد أن كل واحد منا قد عاش أو عايش قصة حب ما بين اثنين وقد لاحظ أنها تبدأ بسهولة وتنتهي بسهولة ولأتفه الأسباب فلماذا هذه الإشكالية في علاقة الحب الحديثة؟؟؟؟
عندما يصارح شاب فتاة بحبه هل يكون كاذبا في حينها..؟ الجواب في اغلب الأحيان يكون بالطبع النفي بل يكون اشد ما يكون الصدق صادقا؟؟ إذا لماذا يفتر هذا
الحب وينتهي بعد فترة قصيرة............ .؟؟
السبب أن اغلبنا في كثير من الأحيان يفتح قلبه لأول طارق... أصبحنا نحب بأذاننا أكثر مما نحب بقلوبنا وعقولنا , نحب بلا هدف؟؟ المهم أن نحب....؟ لذلك
أن الحب بعد فترة يبهت ويذهب بريقه الذي كان يلمع في عيوننا لان الإنسان يصحو على الحقيقة المرة وهي انه قد غرر بنفسه وكان يعيش مع وهم اقنع نفسه به؟
يقال بان أركان السعادة ثلاثة:
أن نجد شيئا نعمله...... وشيئا نحبه....... وأملا نرجو تحقيقه ونسعى إليه.....ومشكلتنا في الحب دائما أننا نحاول وضع حواجز بين صوت العقل وصوت القلب مع
أن الاثنين متلازمان ولا يمكن أن نفصل بينهما بأي شكل من الأشكال.....؟
مشكلتنا أننا حين نحب لا نعرف ماهية الحب ولا كيف نحب ...ولو بحثنا عن الإجابة للسؤال كيف نحب...؟ تضمن لنا معرفة ما تحتويه أعماقنا من مشاعر وأحاسيس ..
فنحن حين نبحث عن الحب ونحلم به ..نبحث عن العاطفة ذاتها لا عن الشخص الذي يحققها...؟ وإذا وجدنا الشخص الذي يوحي بصلاحيته لتحقيقها فنحن
نتوقع منه أن يكون مفهومه لهذه العلاقة مطابقا لمفهومنا ..... وان يمنحنا العاطفة بالشكل والقدر الذي يريده...؟
كلنا نبحث عن الحب للوصول إلى حالة تسمى حالة الاندماج الكامل أو الكلي.... ولان الإنسان في حالة بحث دائم عن حلم وعن أسطورة فان شوقه لهذه العلاقة
وهذه الحالة يدفعه كي يعيش قصة حب ولو كانت وهمية وان يفتح قلبه لأول طارق يطرقه...؟
إن الكثيرين منا يحاولون أن يعيشوا قصة حب مع أي إنسان كان ربما مع أنفسهم ويقضون الليالي سهارى يبكون ويتعذبون من اجل الشخص الذي يحبون
وهم لا يدرون بأنهم يبكون من اجل أنفسهم لكنهم في الحقيقة يوهمون أنفسهم بهذا الحب كي يعيشوا قصته وعذاباته..........!! !!!!!
إن الإنسان إن لم يستطع الوصول إلى هذه الحالة مع الأشخاص الموجودين حولهم وفي أوساطهم يوجهون مشاعرهم نحو أشياء أخرى.......كالعمل مثلا أو
حيوان ما.... لذا فإننا نرى اغلب المسنين والانطوائيين أو الأشخاص الغير قادرين على التلاؤم مع الناس يوجهون حبهم واهتمامهم نحو الحيوانات لأنهم
لم يجدوا من حولهم وأمامهم الأشخاص القادرين أن يصلوا معهم إلى الألفة والى حالة الاندماج الكلي .... وبتوجههم نحو هذا الشئ يسعون إلى الوصول
ليعيشوا هذه الحالة بالذات
وربما هذا الأمر يكون واضحا بشكل اكبر عند الأطفال حيث نرى الأطفال يشعرون بحالة الاندماج الكلي والكامل مع شئ ما أو لعبة ما فنرى الطفل يوجه حبه نحو
تلك اللعبة لأنها غير حية وتستطيع أن تكون كما يتصورها عقله وخياله دون خلاف وان تنفذ حسب تفكيره كل ما يريه منها دون نقاش أو معارضة؟؟؟؟لذلك
نرى اغلب الناس وتحت وطأة ضغوطات الحياة ودروبها المتشعبة وإحساسهم الكبير بالغربة والتشيؤ والانسلاخ يحسون بحنين طاغ إلى مرحلة الطفولة وعالم
الطفولة لأنها تمثل لديهم عالم البراءة والاندماج الكلي الذي يفتقدونه في حياتهم الحالية وما عقدة اوديب التي سمع أكثرنا بها إلا تعبيرا صارخا عن رفضه
الخروج من حالة الاندماج الكامل التي كان يعيشها مع أمه.....
وبعبارة أوضح:
ما المشاكل التي تعترض المراهق والتغيرات التي تطرأ عليه وعلى سلوكه وتصرفاته من انطوائية وعزلة وميل للعنف إلا تعبيرا عن الخوف والقلق لانتقاله
من حالة الاندماج الكلي التي كان يحسها في الفترة السابقة والتي كان يشعر فيها بكل الحب والطمأنينة والعطف إلى مرحلة الشباب وتحمل المسؤوليات و
الضغوط والتلاؤم الفعلي مع الحياة.
نكتب كلنا عن الحب بأسلوب الأسطورة والدواء الناجع لكل شئ وكأنه العالم الذي إذا دخلناه دخلنا الجنة بكل عطاءاتها.....؟ ولكننا حقيقة نحمل الحب وهذه
العلاقة أكثر من طاقتها ونعزله عن العالم والظروف والعلاقات البشرية المتلونة ليكون تجسيدا لأنانيتنا ونرجسيتنا.......؟
نلاحظ دائما إن العاطفة تبهت والحب يفتر بعد الزواج ويشكو الزوج والزوجة بان الآخر لم يعد كما كان قبل الزواج ... لان حالة الاندماج الكلي والكامل والاطمئنان
التي كان يحسها احدهما مع الآخر تختفي نتيجة المعاشرة اليومية وصعوبة الحياة ومتطلباتها واختلاف الطباع والأفكار وبروز المشاكل والمشاحنات و
الهموم اليومية المتلاحقة إلى السطح بعد أن كانت مختفية تحت رماد لهيب الحب......
إن هذه الأشياء مجتمعة تؤدي بلا شك إلى إبراز الاختلافات حتى الصغيرة منها والطفيفة وتضخيمها والتي كانت مختفية في الماضي تحت حرارة الحب إلى السطح
مما يؤدي إلى إنهاء حالة الاندماج الكلي التي كانا يعيشانها........؟
يقول الدكتور صادق جلال العظم في كتابه : الحب والحب العذري ]على الرغم من اختلافي معه في قضايا أخرى:
إن الإنسان الذي لم يعرف طعم التجربة العاطفية الكبرى ولو لمرة واحدة في حياته على الأقل .... لا يستحق منا سوى الشفقة لأنه لا يعرف ما فاته في الحياة
مشكلتنا أننا لا نفهم الحب بأنه عاطفة ثابتة وان الشخص الذي نحب ليس ظلا لنا فلكل منا شخصيته المستقلة وحلمه المستقل وانه علينا أن نرى الحب في عيون
من نحب لا في عيوننا فقط............ .....!!!! !!!!!!!!! !!!!!!!!! !!!!!
نهاية علينا أن نعلم بان الحب في أعلى درجاته واسماها هي عبارة عن صداقة حقيقية بين شخصين ..... حيث يتفهم كل منهما حاجات الآخر ..فالحب الحقيقي
هو الذي يستطيع أن ينموا بهدوء وتوازن وان يجمع بين شخصين ويحقق التفاهم بينهما بالرغم من المشاكل اليومية والعلاقة البشرية المعرضة لكل تغيرات
الظروف.....
إن الحب الحقيقي هو الذي يستطيع أن ينمي صداقة حقيقية وتفهما كاملا بين شخصين وليس هو تلك العلاقة التي تختصر احد الشخصين ليكون نسخة عن الآخر
وبالرغم من دراستي لأنماط مختلفة من البشر والعادات والتقاليد لمجتمعات غربية وأجنبية ألا إنني لم أجد اسمي وأفضل من رباط العائلة الذي يقوم بإنماء
علاقة حب هادئة بين الزوجين حيث يقوم بكل واحد منهما بتغيير بعض الطباع والعادات لتناسب طباع وعادات الطرف الآخر؟؟؟؟؟؟؟
للأسف , زمن مامو و زين و جميل بثينة انتهى و ذهب و لم يعد !
في هذه الأيام أصبحنا نتحدّث عن "ايتيكيت اختيار الزوج أو الزوجة " ووضع المواصفات المثالية لهما .
من الجيد أن نختار و نحب بإرادتنا و بعقلنا قبل قلبنا لكن للأسف ما يحصل هو أن الحب و الزواج في هذه الأيام يُبنى على أسس مادية بحته , لذلك تفتر العلاقة بين الزوجين و إن كانا متحابين , أغلب الطلاقات في أيامنا سببها المادة , أو أن نحب شخص على أساس أنه ابن فلان أو بنت فلان أصحاب الحسب و النسب , و لا نلتفت إلى ما تمليه علينا مشاعرنا .
أحيانا يكون هناك مشاعر حب حقيقية بين شاب و فتاة إلا أن العلاقة بينهما تفتر و سبب ذلك أنهما لا يعرفان معنى الحب الحقيقي فهؤلاء يريدون أن يحبّوا فقط , نلاحظ أن أكثرهم صغار في السن لم تفقس عنهم البيضة!
نحن في عصر الآلة و التطور و الروبوتات و أعتقد أننا أصبحنا روبوتات بالفعل !
ليس فقط في الحب بل كل شيء في هذه الدنيا مؤقت , لا شيء يبقى للأبد فالحب لا يبقى على حاله و لا بد له من أن يزيد أو ينقص و أحيانا يبدأ من جديد!
من أيميلي
الجمعة سبتمبر 25, 2009 4:21 am
العمل/الترفيه
المزاج