قصر السلطان الكثيري بمدينة سيئون
في جنوب اليمن السعيد بمحافظة حضرموت وعلى بعد 165كم تقريباً عن ساحل البحر العربي باتجاه الداخل يقع وادي حضرموت الذي يبدأ من رملت السبعتين غرباً إلى إن يلتحق بوادي المسيلة شرقا حيث تصب مياهه في البحر العربي , حيث يزخر ذلك الوادي بالعديد من المواقع الأثرية ( ريبون ، دمون ، بور ، الردود ، قارة الصناهجة , عادية الغرف , عينات , قسم , وغيرها ) كما يحوي الوادي عدد من المعالم التاريخية التي تعد نموذجاً للعمارة الطينية التي تبرهن على إسهامات الإنسان الذي استوطن ذلك الوادي الجميل في بناء الحضارة الإنسانية , ويأتي في مقدمة تلك المعالم قصر السلطان الكثيري بمدينة سيئون أو كما عرف عبر التاريخ بأسمائه الأخرى الحصن الدويل , قصر سيئون , قصر الثورة .
بدأ يظهر كمقر لحكام الدولة الكثيرية الأولى في حضرموت منذ تأسيسها عام 814 ه / 1411م , وعندما تولى السلطان بدر بن عبد الله الكثيري المشهور بابي طويرق عرش الدولة الكثيرية عام 927ه / 1521م زادة أهميته بجعل مدينة سيئون العاصمة السياسية لدولته وذلك لكونها مركز تواجد قبيلة آل كثير ولموقعها المتوسط بين مناطق وأطراف وادي حضرموت بالإضافة للحصانة الطبيعية التي تتمتع بها , حيث اتخذه مقراً رئيسياً لإقامته وقام بتجديد عمارته وبناء به مسجداً في الجهة الشمالية .
وفي العام 1274ه / 1857م قام السلطان غالب بن محسن الكثيري ( 1223 - 1287ه ) مؤسس الدولة الكثيرية الثانية بتجديد عمارة بناء القصر ثم أكملها ابنه المنصور بن غالب الكثيري ( 1287 - 1347ه ) ثم قام علي بن منصور الكثيري ( 1347 - 1357ه ) باطلا القصر من الخارج بالنورة ( الجص ) وإتمام العمارة بالشكل الذي عليه اليوم وكان الانتهاء من ذلك في العام 1355ه / 1936م .
وبنجاح الثورة التي اندلعت في جنوب اليمن من طرد الاستعمار البريطاني وإسقاط الدولة الكثيرية عام 1386هـ / 1967م أطلق على القصر اسم قصر الثورة واستخدم مركز للشرطة ومقرا للمؤسسات الأمنية .
وفي عام 1393هـ/ 1984م صار مقرا للهيئة العامة للآثار والمتاحف ومقر لمتحف سيئون . وفي عامي 1420 – 1421هـ /2000- 2001م شهد القصر أهم الترميمات الإنقاذية بتوجيهات من الرئيس اليمني علي عبد الله صالح .
بني القصر من الطين حيث تزدهر في وادي حضرموت العمارة الطينية إلى اليوم وذلك لملامتها جو الوادي الذي يتميز بالحرارة والجفاف ,ويعد نموذجا للعمارة العسكرية إذ يتربع على تله في قلب السوق العام متوسطا مدينة سيئون بارتفاع 25مترا فوق التله و45مترا عن مستوى سطح الأرض , ويتكون من خمسة ادوار ( طوابق ) وغرفتان علّيتان وسطوح , وتبلغ مساحة الطابق السفلي 60 * 60 ذراع , يستخدم الدور الأول قاعة للاجتماعات العامة والمراسيم أما الدور الثاني فكان مستودعاً للمؤن والأسلحة ومحل إقامة للخدم بينما الدور الثالث خاص بالمجلس السلطاني والمكتب الخاص وخصصت الدورين الرابع والخامس لإقامة العائلة السلطانية والضيوف من النساء .
وللقصر أربعة أركان برجيه تستخدم لمراقبة جهات القصر , كما تتوسطه من الداخل بئر ماء تشرف عليها جميع الطوابق من خلال فناء داخلي , حيث يوفر ذلك الفناء المكشوف من الأعلى أيضاً الضؤ للغرف الداخلية التي تطل عليه .
كما يحتوي القصر على ( 3بوابات , 20سطح , 183باب , 214نافذه , مسجد ومصليين , 4سلالم , 23حمام , 14مستودع , 55غرفه صغيرة , 41غرفة كبيرة ) .
ويعتبر القصر بحق قلعة عسكرية حصينة ويلاحظ ذلك من خلال اختيار موقع بناه على تل يتوسط المدينة , وعلو بنيانه الذي يكشف كل المدينة والقرى المجاورة , وتوفر فيه عناصر مواجهة الحصار كأبراج المراقبة والمستودعات الكبيرة وبئر الماء . وثبتت تلك الحصانة في العديد من المعارك التي شهدتها مدينة سيئون , ومع عظمة ذلك البناء غير إن المصادر التاريخية قد أغفلت ذكر أصحاب تلك الأيادي التي شيدته وأصحاب العقول التي صممته .
وصار القصر اليوم كما شرنا سابقاً متحف للآثار يرتاده العديد من الزوار يومياً من داخل البلد وخارجها , يحتوي على عدد من الآثار والنقوش التي تعود إلى عهد الممالك اليمنية القديمة , ويحتوي أيضاً على أثار تعود إلى العصر الإسلامي كا منابر المساجد الخشبية والتي يعود تاريخ أقدمها إلى عام 673ه / 1274م , ويضم المتحف أثار لعهد الدولة الكثيرية كعلم الدولة ووثائقها الرسمية كالجوازات والرخص المختلفة وكذا أنواع من العملات التي يعود بعضها للدول الإسلامية التي قامت في اليمن والبعض الأخر عملات استخدمت في عهد الدولة الكثيرية كا ريال الإمبراطورية النمساوية الذي يحمل صورة ماريا تريزا والذي سك في عام 1195ه /1780م وعملة شيخ الكاف التي سكت عام 1315ه / 1897م وعملة حسين بن سهل التي سكت عام 1258ه / 1842م وعملت صالح بن عبدات التي سكت في عام 1344ه /1925م وغيرها من العملات الأخرى .
ويضم المتحف أنواع من الأسلحة التي كانت تستخدم في عهد الدولة الكثيرية ابتدأ من بندقية أبو فتيلة أول سلاح ناري يدخل إلى حضرموت مع الجنود العثمانيين الذين استعان بهم السلطان بدر أبو طويرق عام 926ه / 1520م وكان ذلك قبل توليه عرش الدولة الكثيرية , كما يشمل المتحف قسماً خاصاً للموروث الشعبي الذي تزخر به حضرموت .
وتزين جدران المتحف الصور الفوتوغرافية التي التقطتها عدسات الرّحالة الأوربيين كالرّحالة الهولندي فان دير مولين والرّحالة الانجليزية فريا ستارك.
شبام(بالإنجليزية: Shibam) هي بلدة أثرية في حضرموت، اليمن. منازلها ترابية تتميز بارتفاعها عدة طبقات ذات طابع محلي رائع .
وتبنى منازلها الترابية ، مثل باقي منازل حضرموت ، بالعناصر الأولية أي التراب والتبن حيث يخلطان معاً بالماء ثم يتركان ليجفا وصنع ما يسمى في اللهجة المحلية ( المدر ) ومن خلال كم هائل من المدر يتم بناء تلك المنازل التي تكون قوية لسنوات طويلة فيما لو تم الحفاظ عليها .
وقد بنيت منازلها منذ حوالي 600 سنة ، وكان أول من بنى بيوتها آل باعبيد وآل باجرش وآل باصهي وآل باسويدان وآل جبر وآل مصفر وآل بلفقيه وآل مسلم والسادة آل بن سميط وآل الهدار والسلاطين آل القعيطي وآل الكثيري وغيرهم .
قال العلامة عبدالرحمن بن عبيدالله السقاف : شبام : قال ياقوت : وشبام حضرموت إحدى مدينتيها والأخرى تريم ، قال عمارة اليمني : كان حسين بن سلامة وهو عبد نوبي وزير لأبي الجيش بن زياد ، صاحب اليمن انشأ الجوامع الكبار والمناير الطوال من حضرموت إلى مكة ، وطول المسافة التي بنى فيها ستون يوماً وحفر الأبار المروية والقلب العادية فأولها شبام وتريم مدينة حضرموت .
ومن تاريخ باشراحيل إنه وقع وباء شديد في سنة 784هـ مات فيه خلق كثير من شبام منهم الشيخ محمد بن عبدالله باجمال والشيخ عبدالرحمن بن عبدالله عباد ، والشيخ عبدالله بن الفقيه محمد بن أبي بكر عباد ، والفقيه عمر بن عبدالله بامهرة والفقيه احمد بن أبي بكر حفص والفقيه ابن مزروع ، ودام ذلك الوباء 4 أشهر ثم زال .
ومن الصالحين المشار إليهم بالولاية في شبام الشيخ أبوبكر بن عبدالرحمن باصهي والشيخ المجذوب أحمد بن جبير باشراحيل ومن أكابر علماء شبام العلامة الفقيه عمر بن عبدالله الشبابي مؤلف كتاب قوارع القلوب ، وهو إمام جليل ، ومن علماء شبام الشيخ عمر بن سالم باذيب والشيخ سالم عباد والشيخ عمر باشراحيل .
وأول من سكن شبام من السادة العلامة الجليل السيد محمد بن زين بن علوي بن سميط المتوفي بها 1171 هـ ، ترجم له الشيخ معروف باجمال بكتاب كامل اسماع مجمع البحرين ، وأخوه الفاضل عمر بن زين المتوفي سنة 1207هـ ، ومنهم القطب المجدد ابنه السيد العلامة أحمد بن عمر بن زين بن سميط .
ومن متأخري علماء شبام الشيخ سالم بن عبدالرحمن باصهي ، وكان بها أربعة إخوان كلهم علماء هم أحمد ومحمد وعمر وعبدالرحمن أبناء أبوبكر باذيب ، ومن كبار علمائهم ومصاقع شعرائهم الشيخ أحمد بن محمد باذيب المتوفى بسنغافورة في حدود سنة 1279 هـ ، ومن علمائهم الشيخ عبدالرحمن حميد وابنه عبدالله ، ومن أدبائهم وأكابر أولي المروءة منهم : الشيخ سالم بن عبدالرحمن باسويدان .
ولأهلها مناقب كثيرة ومحاسن شهيرة ولاسيما الورع وصدق المعاملة وصدق المعاملة مع الله ، وحمل الكل وفعل المعروف والإعانة على نوائب الحق .
ولشبام ذكر طيب عند بامخرمة إذ لم يزد على قوله : شبام مدينة عظيمة بحضرموت بينها وبين تريم سبعة فراسخ ، إليها ينسب جمع كثير وخرج منها جماعة من الفضلاء والعلماء الصالحين منهم الفقهاء بنو شراحيل والفقيه أبوبكر بامهرة والفقيه الإمام محمد بن أبي بكر عباد والفقيه الصالح برهان الدين بن محمد وإبن مزروع والفقيه محمد بن عبدالرحمن باصهي .